• الشروق العامة نيل سات: HD 10992 V SR:5000
  • الشروق الإخبارية نيل سات: SD 10992 V SR:27500
  • سي بي سي بنة نيل سات: SD 10922 V SR: 27500
الجمعة 26 أفريل 2024 ميلادي, الموافق لـ 17 شوال 1445 هجري الجمعة 26 أفريل 2024 م | 17 شوال 1445 هـ

آخر الأخبار

الجزائر التي تشيخ

الجزائر التي تشيخ ح.م

من قال إنّ الشرعية الثورية والتاريخية، التي ظلت تمنح جزائريين بعينهم دون سواهم، امتيازات جعلت منهم مواطنون من درجة أولى، لا علاقة لهم بمواطني الدرجات السفلى، ولّت وصارت أثرا بعد عين؟ من منّا لم يغبطه كلام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عندما قال ذات ماي 2012، في أوج عنفوانه الصحي والسياسي، وهو يستوقف الجزائريين عند أحداث 8 ماي 1945، أن "طاب جنانو" وأن جيله، أي جيل الثورة "طاب جنانو، طاب جنانو، طاب جنانو"، قبل أن يتحوّل الاغتباط إلى مشروع حلم مؤجل، بعدما تربعت جبهة التحرير، الحزب (الشيخ) على غالبية المجالس المحيلة والولائية آنذاك، وهو الحزب الذي حكم وما يزال البلاد باسم الشرعية الثورية، أزيد من نصف قرن، ويتم تدوير إطاراته (التي طاب جنانها) في الوزارات والمناصب العليا داخل البلاد وخارجها، فيما الرئيس باق في منصبه، بعدما غازل (على شيب) عهدة ثالثة ورابعة.

ومسحٌ سريعٌ للأسماء التي (أتثت) هيئة سلطة ضبط السمعي البصري، التي تم تنصيبها هذا الأسبوع، يؤكد مرة أخرى أن (التشبيب) زيف تلبسه الخطابات الرسمية في المواسم والأعياد، وأن السلطة تمارس هوايتها المفضلة، الحفر في القديم، حتى لا تشعر بـ”الخَتْيَرَة” وألم المفاصل، ومثل هيئة ضبط السمعي البصري، أثارت (إعادة الرونق) لثمانيني في التعديل الحكومي الجزئي الأخير، النقاش حول الشرعية التاريخية والثورية، وهل حقا (أحرق) الرئيس بوتفليقة ورقة الثورة والتاريخ؟، وهل حقا (أسّس) الدستور الجديد عهد الدولة المدنية الجديد، الذي يعني رفض اختطاف الحكم عن طريق المال السياسي، ورفض قداسة الحاكم باسم الشرعية التاريخية أو باسم الدين أو الحكم العسكري؟.

لا شيء من هذا يحدث، والذين يؤمنون أن السلطة ماضية نحو التخلي عن (شيابها) مقابل احتضان (شبابها)، عساها تجنّبهم ركوب زوارق الموت، مخطئون، فحتى مشروع القانون العضوي المتعلق بالانتخابات، بالشكل الذي ترغب الحكومة في تمريره، يؤسس لعداوة مع كل ما هو حّي وديناميكي ويافع، ويبقى على امتيازات (الصقور) التاريخية، ويلزم (الحمائم) التي لم تحقق نسبة 4 بالمائة من الأصوات في استحقاقات 2012 بجمع التوقيعات لإيداع الترشيحات، وكان الأجدر مطالبة (الصقور) و(الحمائم) على حد سواء تقديم البرامج والرؤى والأفكار، بدل احتساب الأرقام، في مجتمع، يقال إنه (أمّة)، أخفق في التأسيس لمشروع مجتمعه إلى اليوم.

وإصرار السلطة على الاتكاء على العكازات، والحالة ليست جزائرية خالصة، بل تتقاسمها العديد من الأنظمة العربية، التي تستقوي، أو هكذا تعتقد بـ(الشّياب) لتأمين ديمومتها، سيقود لاشك إلى توعّكها زيادة، فالعكاز، مظهر من مظاهر التوعّك والمرض، وعلاقة الجزائر بها (أي العكازات) لا تشبه في شيء عكازات أهل الفكر والسياسة والفن، عكاز بطليموس وقيصر ونابيليون وغاندي، أو عكاز برنار شو وشارلي شابلن وتوفيق الحكيم، أو عكاز جورج واشنطن وتشرشل، إنها تشبه إلى حد ما السيف، تقطع به السلطة رقاب شبابها، فتغتال أحلامهم، وتعّجل في رحيلهم المبكر باتجاه أحضان أخرى أكثر دفئا.

صيّرت الشرعية الثورية والتاريخية الشعب، وهو مصدر كل السلط، إلى (أقلية) تقتات على فتات (الأغلبية) المتمكّنة باسم التاريخ والثورة، ظلت تعتقد وما تزال، أن الشعب كما الكراسي والطاولات (نؤثث) بهم الوطن وكفى وأنه (أي الشعب) كما العملة والرقعة الجغرافية والعلم، مقومات أساسية يكتمل بها اعتراف الآخرين بنا، ولولا ذلك لرَمَت (الأغلبية) المتنفذة باسم الشرعية الثورية والتارخية، الشعب في البحر، أو ردمته تحت الأنقاض، أو أحرقته في أفران تصنع منه صابونا يطّهر أيديها الملوثّة بـ(اغتيال) حلم وطن.. وطنٌ ماضٍ شعبُه نحو الخريف، وغالبية أهله شباب يافع يبحث عن مكان تحت الشمس ولا يجد

لا تعليق

كل الحقول مطلوبة! يرجى منكم احترام الآداب العامة في الحوار.