• الشروق العامة نيل سات: HD 10992 V SR:5000
  • الشروق الإخبارية نيل سات: SD 10992 V SR:27500
  • سي بي سي بنة نيل سات: SD 10922 V SR: 27500
السبت 20 أفريل 2024 ميلادي, الموافق لـ 11 شوال 1445 هجري السبت 20 أفريل 2024 م | 11 شوال 1445 هـ

آخر الأخبار

لصوص المواسم!!

لصوص المواسم!! ح.م

صار الغش فجأة فعلا يعاقب عليه القانون في مجتمع ظل الغشاشون فوق القانون ، فيما ثقافة هذا المجتمع ترضع لصغارها، كما ترضع الأم الحليب لمولودها، أن من غشّتا ليس منّا .. والحقيقة أن من غشّنا هم منّا وبيننا، بعضهم مواطنون من درجة أولى وفوق العادة ، صاروا يتهمون من يتحدث عن غشّهم أنهم (عملاء) لا يحبّون هذا الوطن ! و البعض الآخر من عامة الناس يحترفون الغش الموسمي، في رمضان والأعياد والدخول الإجتماعي، فينهبون الجيوب الثكلى، وقد يدعون الله خفية، فوق سجاداتهم، أن يغفر جشعهم، وهم في ذلك لا يختلفون عمن يشملهم قول رسول الله ( صلى):"من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"، وهؤلاء يصومون ويغشون، أي يمارسون فعل ( الصيام ) لا ( الصوم)، فالصوم قول الحق وفعل الحق، و الصيام امتناع عن الأكل والشرب وكفى، وهنا كل الفرق !!

الغشّ ثقافة عربية بامتياز، والمجتمعات العربية التي تدّعي الإسلام ويوصي رسولها الكريم ” ولا تناجشوا ” يغرق التجّار الأسواق في رمضان، وهو بيننا الآن، بمواد مغشوشة الثمن والجودة، و قد يكون هؤلاء ممن يتطابعون كل جمعة لاحتلال الصفوف الأولى داخل المساجد ، لكنهم يمارسون الغش في عز الشهر الكريم كما ليسوا يفعلونه خارجه !! و هؤلاء وغيرهم في مواقع أخرى ، يصدق عليهم قول نبيّهم، الذي نبّأه الوحي بمآلات أمته فقال: ” يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ، أمن الحلال أم من الحرام ”

قد نحتاج لحملة ( ذات منفعة عامة ) لتطهير الوطن من الغشّاشين ، لكن ذلك قد يأخذ وقتا طويلا جدا بعدما صار فعل الغش ( حقا ) ( ينتقم ) به التلاميذ مثلا من منظومة تربوية تقضي وقتها في مجالسة المضربين وتثقل ظهورهم بحقائب تزن كيلوغرامات ، يتخرجون منها بعد سنوات وعقولهم لا تزن غراما واحدا !!

وقد لا تكفي حملة واحدة ، فالغش الذي بلغ كل المستويات، يحتاج لجيل آخر لا يشبه الأجيال التي تعاقبت على هذا الوطن ، ممن ظل ( تجّار الكابة ) وأصحاب السيارات الفارهة المملوءة جيوبهم من تجارة ( المكّسرات ) عفوا المخدرات و نجوم الكرة المستديرة هم ( نموذج ) النجاح الذي ليست تحقّقه المدرسة ولا الجامعة، فقد يقضي الطالب العمر كله في البحث الجامعي ولا يشفع له ذلك ليعيش كريما أو يؤهله لشراء سيارة ولو من نوع ( ماروتي ) فيما ( ريع ) الجامعة يوزّع على أبناء الوزراء، وقد يكون هؤلاء لم يدخلوا المدرّج مرة، ولم يتابعوا محاضرة، لكن بعضهم ظل يستفيد 20 سنة متتالية من منح في الخارج دون وجه حق مثلما كشف أحد إطارات ( الكناس ) قبل فترة !

إن الوطن يحتاج لجيل (القطيعة) مع الغش (المؤسّس) الذي صار ينتج (غشاشين) يستعملون وسائل العصر التكنولوجية أوقعت الوصاية في حرج لأن الأخيرة ( خارج العصر ) !!

إننا نحصد ما نزرع، تناغما مع المثل القائل “يداك أوكتا وفوك نفخ ” فالسلطة التي تعيّن وتدّور وزراء تفوح من بعضهم رائحة الفساد، وبعضهم الآخر نماذج سيئة لـ ( العفة ) السياسية وبعض ثالث مطعون في تاريخه ونسبه، و البلد الذي لم يحسم بعد في تاريخه، وظل يتعاطى مع تاريخه كـ (ملكية خاصة) فيكتبه على مقاس المصلحة، وقبل ذلك، يطعن خصوم الداخل (كما يعتقد)، أي المعارضون، في كل امتحاناته السابقة، على رأسها امتحانات الرئاسة، هو بلد يدفع صغاره لا محالة إلى الغش بل إلى ( الكفر) به وبمؤسساته ورجالاته، ولا يمكنه بحال أن ينتظر منهم أن يكونوا نماذج لـ (النقاء) الأخلاقي و السياسي !! وبلد يتهم فيه نائبا في البرلمان أمام كاميرات التلفزيونات العامة والخاصة وزيرا في الحكومة، لا خارجها بالعمالة، وأنه حركي إين حركي، والإثنان يعودان نهاية اليوم إلى بيتهما، وكأن شيئا لم يحدث، و تغمض العدالة عينيها تجاه ما حدث، فتنام قريرة العين مثلهما، لا يمكن أن ينجح بحال في قمع الغشاشين، أو إقناعهم بالعدول عن الغش، ولو بالتجييش والعسكرة !!

إن الغش الذي يصنعه السياسيون هو من أفسد ثقة الممتحنين في مستقبل يزيّنه النجاح المدرسي، وهو من أفسد ثقة العامة في السلطة المتهمة سلفا بالغش، فالسلطة التي ( تجمّل ) الوضع بمساحيق انتهت صلاحياتها، هي سلطة تمارس الغش، و السلطة التي تمارس الإبتزاز السياسي على العامة باعتماد منهج التخويف، لأن هؤلاء يطمعون في حاضر ومستقبل أفضل، هي سلطة تمارس الغش أيضا، وتدرك أنها لو أصغت ( فقط ) لكل أبنائها، لأنجزت التغيير المنشود دون إهدار قطرة دم واحدة ! لكنها تتمادى في الصمّم، وبعض الصمم وراثي، وتمضي إلى فرض وجوه صار ( يتقيأ ) منها الشارع ، ثم تقول للغاضبين: هذا ما ( حلبت ) الجزائر !!

ما بين امتحانات الباكالوريا، وامتحانات الرئاسة، وامتحانات النفس، خيط رفيع جدا يمسك به ( الضمير) الغائب و المستتر من فعل الغّش، صيّر الوطن إلى أضحوكة يتسلّى بها جياع إفريقيا ، فيما يمارس “من شبعت بطونهم” في الدول الشقيقة والصديقة، فعل الإستهزاء منّا، بعضهم علنا فوق بلاتوهات التلفزيونات والبعض الآخر خفية خشية ضياع المصلحة !

رمضانكم كريم في كنف الأكل

لا تعليق

كل الحقول مطلوبة! يرجى منكم احترام الآداب العامة في الحوار.