في الدوّل التي تحترم نفسها (ولا تحترمنا)، يستقيل وزير الدّفاع لأن جريدة ذائعة الصّيت نشرت معلومات شخصية لمسؤولين عن طريق تسريب أمني.

وفي بلادنا يستقيل بعض الشعب من منصبه ويدافع عن بقاء وزيرة، حدث تسريب لأسئلة “امتحان مصيري” في قطاعها، والحكومة تعالج هذه المسألة؛ بإعادة امتحان التلاميذ مرة أخرى، لأن “كسكاس” وزارة التربية لم يعد بإمكانه غربلة الماء.

أجل، تعالج الحكومة أخطاءها بأموال الشعب، وتخصصّ ميزانية أخرى في “عزّ التقشّف” لإعادة إمتحانات تسبّبت وزارة التربية في تسريب أسئلتها، هذه الأسئلة كلّفت الخزينة العمومية الملايير، معنى هذا أن الحكومة تخطئ بأموال الشعب وتصحّح الخطأ بأموال الشعب أيضاً، وفي النهاية، تقوم الحكومة والشعب معاً بتزكية المسؤول الأول عن الخطأ.

ألم يكن على الحكومة أن تخصّص هذه الميزانية لتأهيل الناجحين في الباكالوريا “بالغش”، عن طريق دروس تدعيمية “إجبارية” قبل التحاقهم بالجامعة، حتى تضمن على الأقل مستوىً مقبولا ً لطلبة ساعدتهم وزارة التّربية بطريقة أو بأخرى على “الغش”.

كان على الحكومة، في أسوأ الحالات، أن تخصّص هذه الميزانية لإعادة تأهيل كل مسؤولي قطاع التربية والتعليم، حتى لا تتسرّب منهم أسئلة الإمتحانات مرّة أخرى، وربما كان يجب إخضاع وزيرة التّربية ورجالاتها لدورات تدريبية على تسيير القطاع في تخصصّ “تعلّم مهارات إجراء الإمتحانات دون تسريبات”.

الحكومة سوف تعلن انتصاراً تارخياً قريباً، وهو إجراء امتحان باكالوريا “بدون تسريبات”، وستُنسب هذه “المعجزة” إلى إصلاحات وزيرة التربية، وتدرج في المقررات الدراسية القادمة، وربما، تصدر قوانين تمنع فيها التلاميذ منعاً باتاً من نشر “الأسئلة المسرّبة” على فايسبوك في حالة تسرّبها من الوزارة، وتستثني فيها معاقبة “الغشاشين” الذين يستعملون الوسائل التقلدية، وتدعو فيها تلاميذ الباكالوريا للإستعانة على قضاء حوائجهم بالكتمان وليس بالـ “kitman“.