• الشروق العامة نيل سات: HD 10992 V SR:5000
  • الشروق الإخبارية نيل سات: SD 10992 V SR:27500
  • سي بي سي بنة نيل سات: SD 10922 V SR: 27500
الخميس 28 مارس 2024 ميلادي, الموافق لـ 18 رمضان 1445 هجري الخميس 28 مارس 2024 م | 18 رمضان 1445 هـ

آخر الأخبار

شاعر الجزائر

شاعر الجزائر ح.م

عندما احتل النازيون باريس عام 1941، كان أول ما هدّموا  تمثال "فيكتور هوغو"، الشاعر والروائي، لأنه كان يمثل بالنسبة لهؤلاء رمزا من رموز فرنسا وجزءا من سيادتها. وعندما توفي صاحب "البؤساء" و"أحدب نوتردام" العام 1885، شيعه إلى مثواه الأخير ما يزيد عن ملوني شخص، أو هكذا تذكر كتب التاريخ، كان جثمانه مسجّى تحت قوس النصر، قبل نقله في موكب جنائزي إلى مبنى "البانثيون" أو مقرة العظماء، حيث ترقد قامات فرنسا، رسامون وفنانون وشعراء وعلماء و باحثون، وليس الجنرالات والماريشالات وقادة الحروب والرؤساء و السياسيون وحدهم.

ولا أذكر أن شيّعت الجزائر الرسمية أحدا من شعرائها، و لا شك ليسوا أقل من هوغو أو آراغون أو بودلير أو دولافونتان في موكب جنائزي رسمي يليق بمقامهم، أذكر أن غالبية شعرائها بمن فيهم شاعر الثورة وصاحب إلياذة الجزائر ونشيد العلم والشهداء، ماتوا والغضة تأكل صدورهم، آل خليفة والإبراهيمي والشبكوي والبرناوي والسائحي وعزام ومحند اومحند ونويوات، وأكثرهم حظا لم يمش في جنازته أكثر من مائة مشيّع وإن أكرمته الصحف تخصّه بتأبينية لا تتعدى عشرة أسطر !! دقوا على باب التاريخ، سيروي لكم كيف مات شعراء الجزائر، وكيف صيروا إلى (حتفهم) وهم أحياء يرزقون، بسبب صراع الايديولوجيا والهوية الملغّمة. لم تصغ الجزائر يوما إلى أصوات شعرائها، وعندما رغب سياسيوها في استدراك كبوات أزيد من نصف قرن على استقلال البلاد، خطبوا في الناس أن طلّقوا لغة الشعر وقال الله وقال الرسول، تتقدموا، ونسأل نحن ماذا جنا هؤلاء من لغة هوغو وجِيد ؟

تستلهم الجزائر كل شيء تقريبا من مستعمر الأمس فرنسا، المأكل والمشرب والتعليم ومنظومة القوانين، لكنها ليست تستلهم منها، يا لحظ الشعراء التعيس، حبها الشعر والشعراء، فلم تخصص الطائرات العمودية لتنثر الشعر من علٍ كما الورود على المدن والقرى، مبتهجة بربيع الشعر، الذي اختارت له اليونسكو تاريخ 21 مارس من كل سنة للإحتفاء به وحده، دون غيره من الأجناس الأدبية.

أمطرت فرنسا الرسمية، بإمكاناتها الضخمة الطرقات السريعة وباحات الكنائس والمدارس والسجون وأفنية المستشفيات والشوارع الرئيسية بالشانزليزيه وقوس النصر وساحة اللوفر ونهر السين، بقصاصات شعرية، كانت تلقيها من علٍ الطائرات العمودية، انتقت ومضاتها الشعرية بعناية من ريبرتوار كبار شعرائها ( هوغو ولويس آراغون وإيف بونفوا وآرثور راميو و شارل بودلير و دولافونتان  ووو) ولم تترك الإحتفاء بالشعر للجمعيات الثقافية أو النوادي الفكرية على كثرتها، أو لرجالات السياسة، بل تبنت ربيع الشعر وأشركت المجتمع الفرنسي كله في تفاصيله، فهرول الجميع يجمع القصاصات المتناثرة أرضا هنا وهناك وكأنه يجمع الزهور من أجمل البساتين، كان الفرنسيون ينحنون ليقطفوا قصاصات الشعر، في مشهد غير متاح في أمة يقال إن ديوانها الشعر !!

ماذا لو كانت فرنسا تحوز على برنامج مثل “شاعر الجزائر” لا شك كانت احتفت بالمتوّجين في كبريات الساحات العمومية وألبستهم الألوان الوطنية، وعلّقت على صدورهم اليناشين والأوسمة، وسارت بهم في شوارعها الرئيسية مزهّوة بـ”شاعر فرنسا”.

لم يلتفت أحد من الجزائر الرسمية لبرنامج “شاعر الجزائر” وقد جمع خيرة شعرائها الشباب، أخرجهم من ( أوكارهم ) في المداشر والقرى والأرياف العميقة، حرّر حروفهم ، وأوقد جذوة الشعر فيهم، وقد أطفأها التجاهل والنسيان،و ربما ظن هؤلاء الشعراء أن لا أحد يشعلها مرة أخرى،  ومثل الجزائر الرسمية أصاب العمى جل وسائل الإعلام الوطنية، بما فيها تلك التي تتقاسم مع البرنامج اللغة نفسها، حتى لا نجلد تلك التي تدير ظهرها للغة الضاد وتعتبرها مشكلة الجزائر وكبوتها.

وشّح البرنامج (ناصر لوحيشي) “شاعر الجزائر” قاطبة، في أول طبعة للبرنامج (دورة 2016)، وإن أسعف الحظ أصحاب البرنامج، يتقدمهم الإعلامي سليمان بخليلي، فسيكون للجزائر كل عام شاعرها الفذ، تتباهى به بين الأمم، ولا يهم بعدها من توّج الشاعر، قناة تلفزيونية خاصة أو عامة، لأن المتوّج هو إبن الجزائر، لكن من اكترث لشأن (ناصر لوحيشي)، ومن اعتّد ببرنامج (شاعر الجزائر)، إنهم قلة يعدّون على أصابع اليد الواحدة، والبرنامج أثبت إن الشعر في الجزائر لم يمت، و أن البلاد ليست فقط بلد المليون ونصف المليون شهيد، بل بلد المليون ونصف المليون شاعر، متقدة قصائدهم كما فوهات المدافع، يبحثون فقط عمن يصل إليهم، فينفض عن قصائدهم الغبار، ويمكّنهم من منبر يعتلونه ، لا تسبقه حسابات المصلحة أو العشائرية أو المجاملة أو الإخوانيات.

5 تعليقات

كل الحقول مطلوبة! يرجى منكم احترام الآداب العامة في الحوار.

  • تعليق 18461

    مصعب

    للاسف برنامج لم يرقى للمستوى المطلوب على الاقل مقل برنامج المماثل الذي عمله التلفزيون الليبي في ظل الحرب وو
    تقديم رائع استوديو رائع ديكور كاستينغ
    اما تاعنا غلب عليه الطابع الكلاسيكي للاسف لسليمان بخليلي
    واضافة انه وعدنا بديكور خاص في برايم النهائي ونصف ولم يحدث

  • تعليق 19163

    ماريا

    ليس من الخطأ الاعتراف بالحقيقة حقيقة أن مجال الشعر في الجزائر مستواه ضعيف يستطيع طفل موهوب في سن الثالثة عشرة اخذ الصدارة بجدارة الامر ليس في كتابة القصيدة او طريقة تفكير صاحبها انما هي ابراز لقدراتك اللغوية واسلوبك .

    مما لاحظته انا ككاتبة الاخطاء اللغوية الواردة واخطاء في القوافي كالايطاء والتضمين

    وانا ككاتبة وكجزء من منضومة اللغة وروافدها اطرح سؤالا يهم الشعر واصحاب المجال

    القصيدة في الجزائر الى اين

    • تعليق 19714

      إبراهيم بلقاسم

      المبادرة طيبة و وثبة أولى بعد زمن طال فيه ربط فرس الشعر حتى صار معقولا لا يطمع في حراكه بله وثبته ، فالشكر لجميع المسهمين فيها لأنها أحيت فينا الذاكرة و الروح ، و ألفتتنا إلى جلودنا التي أوشكنا أن نعدم الإحساس بها البتة مع تقدير جميع الآراء التي نشتم فيها براءة و شجاعة ننتزعها من أنفسنا مغالبة ، فلا تستهوينا قبلة غير قبلتنا ، و لا تستفزنا غضبة إلا للحق .
      أما عن ملاحظاتي كشبه شاعر و محب للشعر فالحصة كانت رتيبة و حرفية كأنها مدرسي(تعليمية)، فلم لا تنجز على غرار مدرسة مثل ستار أكاديمي يحضرها مكونون في النظم و الإيقاع و التقويم اللغوي ، و يدعى إليها الضيوف الشعراء ، و يؤلقها مغنون و منشدون …

      • 1
  • تعليق 26893

    العربي الطّائر

    الأمّة التي لا تمتلك لسانا صافيا ولغة راقية يحسن التواصل بها، لا تستطيع ان ترسم معالم هويتها ولا يمكنها ان يفهم شعبها صوت حكامها ومسؤوليها،،ماذا يقولون وماذا يريدون،،وكيف يفكرون، وبأيّ لسان يتكلمون؟؟
    للأسف هذه هي إحدى مصائب هذه الأمة،،وابتلاءاتها التي مازالت محطّ تساؤل وصراع واختلاف،،لم تفصل فيها بعد مرور ستين عاما من استقلالها؟؟

  • تعليق 26940

    عائشة

    الشعر لا لغة له سوى لغة القلب….
    يحق لكل انسان ان يكتب ما يشعر به فصحى ….عامية…..نثر ..المهم يحق لكل شخص أن يستشعر ان أجاد له .وله الحق أن يصنف كشاعر…يحق له اختيار نمطه ….سواء شعر عامودي ..تفعيلة أم حر ..تعالوا لنتكلم قليلا ..عن سخافة أن …اسم شعر التفعيلة …يقال له حر….متى كانت للحرية قيود…بالله عليكم
    مادمتم تفكرون هكذا ستبقون في المراتب الدنا
    .لكل شخص موهوب أو أديب أو كاتب أو شاعر بكل انواعه
    له الحرية ان يكتب دون اي تعقيب ….عليه
    المهم ان تكون لغة واضحة ومفهومة ……..هذا ما استطيع قوله